عن أبي عثمان المازني أنه قال: قدم أعرابي على بعض أقاربه بالبصرة، فدفعوا له ثوباً
ليقطع منه قميصاً، فدفع الثوب إلى الخياط فقدر عليه ثم خرق منه، قال: لم خرقت ثوبي؟
قال: لا يجوز خياطته إلا بتخريقه، وكان مع الأعرابي هراوة من أرزن فشج بها الخياط،
فرمى بالثوب وهرب، فتبعه الأعرابي وأنشد يقول: الكامل:
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله فيما مضى من سالف الأحقاب
من فعل علج جئته ليخيط لي ثوباً فخرقه كفعل مصاب
فعلوته بهراوةٍ كانت معي فسعى وأدبر هارباً للباب
أيشق ثوبي ثم يقعد آمناً كلا ومنزل سورة الأحزاب
الكريم لا يرجع في هبته:
وعن الأصمعي أنه قال: مررت بأعرابي يصلي بالناس فصليت معه، فقرأ والشمس
وضحاها والقمر إذا تلاها كلمة بلغت منتهاها لن يدخل النار ولن يراها رجل نهى النفس
عن هواها، فقلت له: ليس هذا من كتاب الله، قال: فعلمني، فعلمته الفاتحة والإخلاص، ثم
مررت بعد أيام، فإذا هو يقرأ الفاتحة وحدها، فقلت له: ما للسورة الأخرى؟ قال: وهبتها
لابن عم لي، والكريم لا يرجع في هبته.
أعرابي يؤم في البادية:
وعنه أنه قال: كنت في البادية فإذا بأعرابي تقدم فقال: الله أكبر سبح اسم ربك الأعلى،
الذي أخرج المرعى، أخرج منها تيساً أحوى ينزو على المعزى ثم قام في الثانية فقال: وثب
الذئب على الشاة الوسطى وسوف يأخذها تارة أخرى. أليس ذلك بقادر على أن يحيي
الموتى ألا بلى ألا بلى فلما فرغ قال: اللهم لك عفرت جبيني وإليك مددت يميني فانظر ماذا
تعطيني.
أعرابي يؤدب أمه:
وعنه قال: رأيت أعرابياً يضرب أمه فقلت: يا هذا أتضرب أمك؟ فقال: أسكت فإني
أريد أن تنشأ على أدبي.
دعاء أعرابي حول الكعبة:
وعنه أنه قال: حج أعرابي فدخل مكة قبل الناس وتعلق بأستار الكعبة وقال: اللهم اغفر
لي قبل أن يدهمك الناس.
أصحاب النحو زنادقة:
وعن أبي الزناد قال: جاء أعرابي إلى المدينة فجالس أهل الفقه ثم تركهم، ثم جالس
أصحاب النحو فسمعهم يقولون نكرة ومعرفة، فقال: يا أعداء الله يا زنادقة.
خصام الطائيين:
وعن العلاء بن سعيد قال: قعد طائي وطائية في الشمس، فقالت له امرأته: والله لئن ترحل
الحي غداً لأتبعن قماشهم وأصوافهم، ثم لأنفشنه ولأغسلنه ولأغزلنه، ثم لأبعثنه إلى بعض
الأمصار فيباع وأشتري بثمنه بكراً، فأرتحل عليه مع الحي إذا ترحلوا، قال الوج: أفتراك
الآن تاركتني وابني بالعراء؟ قالت: أي والله، قال: كلا والله، وما زال الكلام بينهما حتى قام
يضربها، فأقبلت أمها فقالت: ما شأنكم، وصرخت: يا آل فلانة أفتضرب ابنتي على كد
يديها ورزق رزقها الله، فاجتمع الحي فقالوا: ما شأنكم؟ فأخبروهم بالخبر!! فقالوا:
ويلكم، القوم لم يرحلوا وقد تعجلتم الخصومة.
طلق امرأته لوجه الله:
وعن الأصمعي قال: خرج قوم من قريش إلى أرضهم وخرج معهم رجل من بني غفار،
فأصابهم ريح عاصف يئسوا معها من الحياة ثم سلموا، فأعتق كل رجل منهم مملوكاً، فقال
ذلك الأعرابي: اللهم لا مملوك لي أعتقه ولكن امرأتي طالق لوجهك ثلاثاً.