[gdwl]أهمية الزواج[/gdwl]
الحمد لله عالم السر والمكنون ، المطلع على عبده أينما يكون ، المحصي للحركات والسكون ، يعلم ما كان وما يكون :
خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
سبحانه من إله ؛ عليم خبير لطيف حكيم :
لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن سار على نهجه إلى يوم يبعثون .
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ،
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
أيها الأخوة المؤمنون :
الزواج آية من آيات الله وسنة من سنن نبيه صلى الله عليه وسلم يقول تبارك وتعالى :
} وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {.
ويقول تبارك وتعالى :
} وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً { .
وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم ، ممن يحرم على نفسه الزواج ، فقال ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ : من رغب عن سنتي فليس مني ، كما جاء في حديث الثلاثة ، الذين سألوا عن عبادته صلى الله عليه وسلم ، فلما أخبروا بها ، تقالوها ـ أي جاء في أنفسهم أنها قليلة ـ فقال أحدهم : أنا أقوم ولا أنام ـ يريد أن يصلي طول الليل ـ والآخر قال : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وأما الثالث فقد قال : أنا لا أتزوج النساء . يريد أن يتفرغ للعبادة ، لا يريد زوجة تشغله وتقطع عليه وقته ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :
(( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني )) .
فالزواج سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن استطاع عليه ، وتركه زهدا فيه ، أو رغبة عنه ، فهو على خطر عظيم ، كما في هذا الحديث وغيره من الأحاديث كقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( من كان موسرا لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني )) .
أيها الأخوة المؤمنون :
ومما يدل على أهمية الزواج ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب به ، كما جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم :
(( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )).
وهاتان فائدتان ـ أيها الأخوة ـ من فوائد الزواج : الأولى : غض البصر . والثانية : إحصان الفرج ، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الزواج نصف الدين ، كما جاء في الحديث عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الباقي )) .
أيها الأخوة :
بعض الناس بحاجة للزواج ، ولكنه يؤخره خوفا من الفقر والحاجة ، والزواج سببا من أسباب الغنى ، يقول تبارك وتعالى :
} وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {
يقول ابن عباس رضي الله عنهما : رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ، ووعدهم عليه الغنى .
ويقول ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح . وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( ثلاثة حق على الله عونهم : الناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء ، والغازي في سبيل الله ))
أيها الأخوة المؤمنون :
ومما يدل على أهمية الزواج ، حرص العقلاء عليه ، وأمرهم به ، وتحذيرهم من تركه ، يقول عمر بن الخطاب : لا يمنع الزواج إلا عجز أو فجور . أي الذي لا يتزوج ، إما أن يكون عاجزا أو فاجرا ـ نسأل الله العافية .
وعبدالله بن مسعود وهو مطعون على فراش الموت يقول : زوجوني فإني أكره أن ألقى الله عازبا . والإمام أحمد بن حبل ، إمام أهل السنة ، الذي صبر على التعذيب ولسع الصياط والسجن ، ماتت زوجته أم عبدالله ، وفي اليوم التالي ليوم وفاتها تزوج ، فلما سألوه قال : أكره أن أبيت عزبا .
فالزواج ـ أيها الأخوة ـ آية من آيات الله ، وسنة من سنن الأنبياء ، وأمر لا يطيب عيش الإنسان السوي بدونه ، وسبب من أسباب الغنى ، فينبغي للمسلم أن يبادر فيه .
أسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا خالصا وسلامة دائمة ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله ليؤولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أيها الأخوة المؤمنون :
إن شأن الزواج شأن عظيم ، يجب على أفراد المجتمع التعاون لتيسيره ، وتسهيل سبله ، والقضاء على كل أمر من شأنه تعطيله أو تأجيله وتأخيره وخاصة في هذه الأزمنة التي انتشر فيها الفساد ، وكثرت فيها الفتن ، فالشباب تكتنفهم المغريات من كل حدب وصوب ، قنوات تبث ما يثير غرائزهم ، ومواقع تؤجج عواطفهم ، رسائل ومكالمات ، أغاني ومسلسلات ، أضف إلى ذلك ضعف الإيمان وقلة التقى وغير ذلك مما يجعل المسلم يضع يده على قلبه خوفا من عواقب الأمور وتبعات الأحوال .
أيها الأخوة المؤمنون :
وهناك أمر لابد من التنبيه عليه ، حتى ولو رفضه المجتمع ، ألا وهو عرض الولي لموليته على من هو كفئ لها ، فهذا الأمر لو طبق لتزوج خلق كثير من الفتيان والفتيات ، ونحن في هذا المجتمع قد يستغرب بعضنا مثل هذا الفعل ، ولكن ـ أيها الأخوة ـ فعله من هو أفضل منا ، فُعِلَ مع نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ ، كما في قول الله تعالى :
} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ { .
وفعله عمر بن الخطاب حين عرض ابنته حفصة على أبي بكر ، ثم على عثمان ، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعله السلف الصالح رحمهم الله رحمة واسعة .
فالله الله أيها الأخوة ، تعاونوا على تيسير الزواج ، فإن التعاون في مجاله من باب التعاون على البر والتقوى وقد أمر الله بذلك فقال :
} وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {.
اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يرزقنا جميعا الفقه في الدين ، والتمسك بالكتاب المبين ، والأقتداء بسيد الأولين والآخرين . إنه سميع مجيب .
اللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا ، وأن تستر عيوبنا ، وأن تصلح قلوبنا ، وأن تزكي نفوسنا ، وأن تعف فروجنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك نصر الإسلام وعز المسلمين ، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ، اللهم احمي حوزة الدين ، اللهم واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا واستعمل علينا خيارنا واجعل ولايتنا في عهد من خافك وتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين .اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عباد الله :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {
فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .