بسم الله الرحمن الرحيم
هذه قصيدة للشاعر (
ابن زيدون )
394 - 463 هـ / 1003 - 1070 م
أبن زيدون هو/ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد.
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.
أَضْحَى التَّنَائِـي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنـاوَنَا بَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْنَـا
ألا وقد حانَ صُبـح البَيْـنِ صَبَّحنـاحِيـنٌ فقـام بنـا للحِيـن ناعِيـنـا
مَـن مُبلـغ المُبْلِسينـا بانتزاحِـهـمحُزناً مـع الدهـر لا يَبلـى ويُبلينـا
أن الزمان الـذي مـا زال يُضحكنـاأنسًـا بقربهـم قـد عــاد يُبكيـنـا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعـوابـأن نَغُـصَّ فقـال الدهـر آميـنـا
فانحـلَّ مـا كـان معقـودًا بأنفسنـاوانبتَّ مـا كـان موصـولاً بأيدينـا
لـم نعتقـد بعدكـم إلا الوفـاءَ لكـمرأيًـا ولـم نتقلـد غـيـرَه ديـنـا
ما حقنا أن تُقـروا عيـنَ ذي حسـدبنـا، ولا أن تسـروا كاشحًـا فينـا
كنا نرى اليـأس تُسلينـا عوارضُـهوقـد يئسنـا فمـا لليـأس يُغريـنـا
بِنتـم وبنـا فمـا ابتلـت جوانحُـنـاشوقًـا إليكـم ولا جـفـت مآقيـنـا
نكـاد حيـن تُناجيـكـم ضمائـرُنـايَقض ي علينا الأسـى لـولا تأسِّينـا
حالـت لفقـدكـم أيامـنـا فَـغَـدَتْسُود ًا وكانـت بكـم بيضًـا ليالينـا
إذ جانب العيـش طَلْـقٌ مـن تألُّفنـاوموردُ اللهو صـافٍ مـن تصافينـا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصـل دانيـةقطوفُهـا فجنينـا منـه مـا شِيـنـا
ليسقِ عهدكـم عهـد السـرور فمـاكنـتـم لأرواحـنـا إلا رياحيـنـا
لا تحسبـوا نَأْيكـم عـنـا يُغيِّـرنـاأن طالمـا غيَّـر النـأي المحبيـنـا
والله مـا طلبـت أهـواؤنـا بــدلاًمنكـم ولا انصرفـت عنكـم أمانينـا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق بـهمن كان صِرفَ الهوى والود يَسقينـا
واسـأل هنـاك هـل عنَّـي تذكرنـاإلفًـا، تـذكـره أمـسـى يُعنِّيـنـا
ويـا نسيـمَ الصِّبـا بلـغ تحيتـنـامن لو على البعد حيًّـا كـان يُحيينـا
فهل أرى الدهـر يَقصينـا مُساعَفـةًمنـه ولـم يكـن غِـبًّـا تقاضيـنـا
ربيـب مـلـك كــأن الله أنـشـأهمسكًا وقـدَّر إنشـاء الـورى طينـا
أو صاغـه ورِقًـا محضًـا وتَوَّجَـهمِن ناصـع التبـر إبداعًـا وتحسينـا
إذا تَـــأَوَّد آدتـــه رفـاهـيَـةتُـومُ العُقُـود وأَدْمَتـه البُـرى لِينـا
كانت له الشمـسُ ظِئْـرًا فـي أَكِلَّتِـهبـل مـا تَجَلَّـى لهـا إلا أحاييـنـا
كأنمـا أثبتـت فـي صحـن وجنتـهزُهْـرُ الكواكـب تعويـذًا وتزييـنـا
ما ضَرَّ أن لـم نكـن أكفـاءَه شرفًـاوفـي المـودة كـافٍ مـن تَكَافينـا
يا روضـةً طالمـا أجْنَـتْ لَوَاحِظَنـاوردًا أجلاه الصبـا غَضًّـا ونَسْرينـا
ويـا حـيـاةً تَمَلَّيْـنـا بزهرتـهـامُنًـى ضُرُوبًـا ولــذَّاتٍ أفانِيـنـا
ويا نعيمًـا خَطَرْنـا مـن غَضَارتـهفي وَشْي نُعمى سَحَبْنـا ذَيْلَـه حِينـا
لسنـا نُسَمِّيـك إجــلالاً وتَكْـرِمَـةوقـد رك المعتلـى عـن ذاك يُغنينـا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ فـي صفـةٍفحسبنـا الوصـف إيضاحًـا وتَبيينـا
يـا جنـةَ الخلـد أُبدلنـا بسَلْسِلـهـاوالكوثـر العـذب زَقُّومًـا وغِسلينـا
كأننـا لـم نَبِـت والوصـل ثالثـنـاوالسعد قد غَضَّ من أجفـان واشينـا
سِرَّانِ في خاطـرِ الظَّلْمـاء يَكتُمُنـاحتى يكـاد لسـان الصبـح يُفشينـا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْعنه النُّهَى وتَركْنـا الصبـر ناسِينـا
إذا قرأنا الأسى يـومَ النَّـوى سُـوَرًامكتوبـة وأخذنـا الصـبـر تَلْقِيـنـا
أمَّـا هـواكِ فلـم نـعـدل بمنهـلـهشِرْبًـا وإن كـان يروينـا فيُظمينـا
لم نَجْفُ أفـق جمـال أنـت كوكبـهساليـن عنـه ولـم نهجـره قالينـا
ولا اختيـارًا تجنبنـاه عـن كَـثَـبٍلكـن عدتنـا علـى كـره عوادينـا
نأسـى عليـك إذا حُثَّـت مُشَعْشَعـةًفينـا الشَّمُـول وغنَّـانـا مُغَنِّيـنـا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبـدى مـن شمائلنـاسِيمَـا ارتيـاحٍ ولا الأوتـارُ تُلهينـا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظـةًفالحُرّ ُ مَنْ دان إنصافًـا كمـا دِينَـا
فما اسْتَعَضْنـا خليـلاً مِنـك يَحْبسنـاولا استفدنـا حبيبًـا عنـك يُثْنيـنـا
ولو صَبَا نَحْوَنـا مـن عُلْـوِ مَطْلَعِـهبدرُ الدُّجَى لم يكن حاشـاكِ يُصْبِينـا
أَوْلِـي وفـاءً وإن لـم تَبْذُلِـي صِلَـةًفالطيـفُ يُقْنِعُنـا والذِّكْـرُ يَكْفِيـنـا
وفي الجوابِ متـاعٌ لـو شفعـتِ بـهبِيْضَ الأيادي التي مـا زلْـتِ تُولِينـا
عليـكِ مِنـي سـلامُ اللهِ مـا بَقِيَـتْصَبَابـةٌ منـكِ نُخْفِيـهـا فَتُخفيـنـا
منقول..